آن للثورة أن تستعيد مسارها .. وتحية واجبة لجبالى المراغى

بقلم: عبد المنعم الجمل

جاء الاحتفال بالذكرى الثانية للثورة حاملا آيات الغضب مستعيدا لحظة انطلاقها.. ولم يكن غريبا أن تتوحد فيه معظم فصائل الثورة مطالبة باستحقاقاتها التى قامت من أجلها فى الخامس والعشرين من يناير.. وكان فى مقدمة هذه الاستحقاقات، تقويض بنية النظام القديم وهدم أركانه التى عاثت فى الأرض فسادا وبددت طاقات الأمة، وأهدرت ثروات الوطن.. ذلك أن الجديد ينبع من قلب القديم، مبرءة من سلبياته وعوراته .. وكأنه يولد من جديد.

وبعض من هذه المهمة أنجزتها الثورة فى أيامها الأولى، ولكن ظل للقديم تواجده وآليات عمله التى عطلت انطلاق الثورة، كما أعاقت حركة جماهير الشعب.

وقد آن للثورة أن تستعيد مسارها الصحيح لتستعيد بريقها وتألقها وفاعلية دورها مثلما كانت منذ عامين من انطلاقها مفعمة بالحب والأمل والتضامن الذى آخى بين كل أبناء الوطن، مسلمين ومسيحيين.

إننا اليوم ونحن على مشارف مرحلة جديدة من مراحلها علينا أن نبدأها مُبرأة من كل أشكال القصور، التى أضاعت الحقوق وأفسدت الممارسة الديمقراطية التى حظيت فقط بآلة إعلامية جبارة تروج لها زورا وبهتانا، حتى آخر مجلس للشعب قد حفل بكل صور الفساد، واحتل رموز النظام وبارونات الفساد مقاعده سواء للفئات أو العمال والفلاحين، إلا أقل من القليل، وعندما أعد الدستور الجديد أملنا أن يأتى مبرئا من كل أوجه القصور، وأن تصبح الحقوق مصانة لأصحابها، إلا أنه للأسف ظلت نسبة العمال والفلاحين مباحا للجميع إلا أصحابها، وفى رد فعل ثورى فى مواجهة إهدار حق أصيل من حقوق العمال والفلاحين التى غابت عنهم طويلا بفعل التزوير والتدليس والخداع، انسحب القائد العمالى الكبير جبالى المراغى من الجلسة الأخيرة لمناقشة تعديلات قانون مباشرة الحقوق السياسية بمجلس الشورى لرفض الدكتور أحمد فهمى رئيس مجلس الشورى لمناقشة مذكرة الاتحاد العام لنقابات عمال مصر حول تعريفه العامل والفلاح، الذى غاب عن التحديد الجامع المانع بحيث لا يستفيد إلا أصحابها وأن ثورة المراغى تذكرنا بما أثاره جده منذ سنوات طويلة مضت، ذلك أن الثورة للحق ميراث عائلى عند آل المراغى، وأن الغضب فى إنكار الحقوق العادلة والمشروعة سمة من سماتهم، فجبالى المراغى عندما أعلن انسحابه، فإنما يؤكد أن العهد الذى نعيشه اليوم لا يقبل بغير إقرار الحق لأصحابه، وأنه لن يألوا جهدا فى سبيل استعادته كاملا.

وأن جبالى المراغى لم يكن فى موقفه التاريخى يعبر عن أعضاء التنظيم النقابى فقط من العمال، ولكنه كان يعبر عن كل عمال مصر وفلاحيها، إذ تمتد مسئوليته عنهم جميعا ذلك أن التشريع الذى أقره المجلس سيؤدى إلى ترشيح رجال الأعمال وكبار المسئولين غير المنتمين إلى الكادحين والاستيلاء على نسبة الـ50% للعمال والفلاحين فى مجلس النواب القادم.

وأحسن القائد العمالى جبالى المراغى عندما ضمن كلمته الافتتاحية للمؤتمر الثانى لإنقاذ صناعة النسيج «صناعة الغزل والنسيج بين الواقع والمأمول» دعوة لجماهير العمال بأن يتقدموا للترشيح على مقاعد البرلمان استخداما لحقهم فى نسبة الـ50% المقررة لهم، ولآخر مرة حسب النص الوارد حديثا، وتعهد المراغى بأن الاتحاد العام سوف يساند العمال فى الفوز بحقهم بكل صور المساندة والدعم.

ولا شك أن الموقف الشجاع لرئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، والذى يتسق مع نهجه النضالى ومواقفه الفارقة، تعبيرا عن نبض جماهير العمال، يجعلنا ندرك عن يقين، أن الطريق غدا مفتوحا أمام الكادحين نبلاء مصر الحقيقيين ليشغلوا مقاعدهم، حفاظا على حقوقهم العادلة والمشروعة، فتصبح التشريعات الصادرة عن البرلمان معبرة عنهم محققة للتوازن الاجتماعى، معلية من شأن الوطن والمواطن.

إن علينا جميعا أن نحتشد بكل الحماس والصدق لنجعل من برلمان الثورة مرآة لها، فالثورة ترجمة لطموحات شعب غاب عنه العدل، وبرلمانها يجب أن يكون أداة العدل.

لم يحدث فى تاريخ أن حقق العمال بنسبتهم الـ50% تواجدا فاعلا من قبل، ولكن آن الأوان، وقد غدا المحال ممكنا، أن يتحقق ذلك، «وما نيل المطالب بالتمنى ولكن تؤخذ الدنيا غلابا»، وعلى اللـه قصد السبيل، ويظل الحديث متواصلا إذا أذن اللـه سبحانه وتعالى.