ا.د.عاطف محمد كامل احمد يكتب عن اهمية دور المدرسة التربوى والتوعوى في حماية البيئة

دكتور عاطف محمد كامل

للأسرة دور كبير في توعية اطفالهم وتعليمهم حسن التكيف مع الحياة بالأسلوب الأمثل والصحيح الذي يحقق جيل يافع واعي يمتلك الشعور بالمسؤولية تجاه قضايا إقليمية مثل البيئة ومشاكلها القائمة. ولكن يبقى السؤال هو كيف يمكننا تنشئة جيل قادر على تحمل المسؤولية الكاملة لمواجهة مخاطر كالتغيرات المناخية ومشكلة التلوث البيئي والتصحر ؟ وهل تتحمل الأسرة كامل العبء في التوعية البيئية للأطفال بمعزل عن دور المدرسة؟

لم يعد دور المدرسة يقتصر كمؤسسة تعليمية فقط لكن أصبح لها دور كبير كمؤسسة تربوية في خلق السلوكيات الإيجابية وتربية الجيل النشيء وتعليمه أهمية البيئة والمحافظة عليها في حياتنا.

إن عمل المدرسة جنباً لجنب مع البيت يعطي ثماره لبناء الجيل المنشود الذي يمتلك العادات والقيم الإنسانية في التعامل مع البيئة وأيضاً صنع القرارات الإيجابية في التصدي لقضايا بيئية حساسة نتيجة حسهم ووعيهم البيئي الذي غرسته فيهم المدرسة منذ النشأ. وتحتل المدرسة مكانة هامة في مجال تنمية الوعي البيئي بحيث تعكس الحاجات الاجتماعية للبيئة، وتحاول إكساب التلاميذ العادات السليمة والاتجاهات والقيم التي تحقق حماية البيئة والمحافظة عليها وصيانتها. ودور الطلاب في حماية البيئة يبدأ من حمايتهم لمدرستهم، ما يتطلب مجموعة من الممارسات اليومية مثل، المحافظة على نظافة المدرسة وصيانة مرافقها، والنهوض بها والحفاظ على البيئة المجاورة لها. وينبغي أن تسهم المدرسة في تدريس المفاهيم البيئية من خلال اتجاهات رئيسيّة في المناهج التدريسيّة الحديثة هي:

1 – تدريس العلوم انطلاقاً من الطبيعة والحرص عليها حيث الهدف ليس معرفة الطبيعة فحسب بل وحبّها أيضاً.

2 – تدريس العلوم انطلاقاً من مفهوم التكنولوجيا المجتمع أي انطلاقاً من حاجات المجتمع ومشاكله والقدرة على مواجهتها محلّياً.

3 – الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعيّة بحيث يصبح الشأن البيئي قاعدة لتكامل التعليم العلمي.

4- تزويد التلاميذ بالأساليب التي يحتاجون إليها في دراستهم البيئية، وتعلّمهم كيفية اتخاذ قرارات مناسبة بشأنها، وذلك عن طريق اشتراك المعلمين والتلاميذ في عملية تحليل البيئة التي يعيشون فيها، وتحليل الاتجاهات الاجتماعية والثقافية والأنشطة الاقتصادية التي تؤثر فيها وفيهم، ومن خلال ذلك يمكن للطلاب أن يتحكموا في أساليب الاستخدام العلمية التي سوف يمارسونها أو يحتاجون إليها من أجل تحسين طبيعة البيئة التي يعيشون فيها.

واجب المعلم تجاه مشاكل البيئة

وللتربية البيئية مجالات واسعة ومتعددة، لذلك على المعلم أن يكون مستعداً للتعامل مع المشاكل البيئية المختلفة والمتغيرة، وعليه أن يخطط لعمله ويجعل تخطيطه مرناً يتسع للمواقف المتغيرة. وإذا أخذنا قضية تلوّث البيئة كنموذج، فإن واجب المعلم حيال هذه القضية يمكن اختصاره بما يلي:

– إثارة اهتمامات التلاميذ نحو بيئتهم باختيار مواضيع وظواهر وقضايا تحفزهم على دراستها والمشاركة في حلها.

– تنظيم التلاميذ في مجموعات عمل وفقاً لظروف كل منهم، على أن تتكامل الأدوار في النهاية.

– تنظيم زيارات لمواقع معينة والوقوف على كل ما يتعلق بها.

– إعداد المطبوعات اللازمة لتوجيه التلاميذ، من خرائط مناسبة وجداول وإحصائيات… إلخ.

– اتخاذ الترتيبات اللازمة لدعوة متحدثين متخصصين من البيئة المحيطة، مثل المهندس الزراعي ومهندس المباني أو مسؤول الكهرباء أو رجل الأمن… إلخ.

– الاهتمام بصفة خاصة بتدريب التلاميذ على التفكير العلمي السليم في حل ما يواجههم من مشكلات بيئية وإكسابهم المهارات وتنمية قدراتهم الابتكارية تجاهها.

– التركيز على ترشيد السلوك البيئي للتلاميذ فرادى وجماعات.

دور الأطفال في حماية البيئة

يمكن للأطفال من خلال التعليم البيئي المنظم، أن يؤدوا دوراً فعّالاً في حماية البيئة التي يعيشون فيها (منزل، مدرسة، حي، حديقة، بستان، غابة…) وتحسينها. فعندما يدركون هذا الدور ويشعرون بمسؤوليتهم تجاهه، تكون مشاركتهم في النشاطات المتنوعة داخل الصف وخارجه بدافع ذاتي وطوعي، يحثهم في ذلك حبهم لبيئتهم ومعرفتهم بأهمية عناصرها. وإن إدراك حقيقة المشكلات البيئية، والتأثيرات المترتبة عليها، تفتح الوعي على ضرورة المساهمة في حلها، وتحرض الطفل على الاضطلاع بدوره في المحافظة على بيئته وسلامتها. ويتمثل هذا الدور في المشاركة الفعالة في تنفيذ المهام الفردية والجماعية (بما يتلاءم مع عمره وقدراته) كما يتمثل في السلوك اليومي للطفل. ومن المجالات والنشاطات التي يمكن من خلالها أن يشارك وأن يؤدي الطفل دوراً في حماية البيئة، ما يلي:

* النظافة:

– اهتمام الطفل بنظافة جسمه وملابسه وحاجاته والمحافظة عليها.

– الاهتمام بنظافة البيت والمدرسة والأماكن العامة.

– وضع القمامة والأوساخ في الأماكن المخصصة لها مهما كانت صغيرة.

– المحافظة على نظافة مصادر المياه كالينابيع والأنهر والبحيرات، وعدم رمي الفضلات فيها.

– المشاركة في لجان النظافة التي تقام على مستوى الصف و تشجيع كل المؤسسات التربوية والتعليمية على تشكيل هكذا لجان.

– المشاركة في الحملات الإعلامية المدرسية، من خلال منابر الإبداع والمجلات والإذاعة والتلفزيون والمعارض.

* التشجير:

– قيام الأطفال بزراعة الأشجار والنباتات والورود في حديقة البيت والمدرسة وريّها والاهتمام بها.

– التعرف على أنواع الأشجار والنباتات والورود الموجودة وطرق العناية بها.

– المشاركة في معارض النباتات والورود.

– المشاركة في المسابقات بين الفصول والمدارس ومنابر الإبداع المتعلقة بالبيئة.

* حماية ثروات البيئة من التلوّث:

– المحافظة على الأشجار وعدم إزالتها، وتشجيع التشجير.

– إلقاء القمامة والفضلات (البلاستيك) في الأماكن المخصصة لها، وعدم إلقائها في مياه الينابيع والأنهر والبحيرات والبحار.

– معرفة أثار تلوث البحار والبحيرات بالبلاستيك وأثرة على سلامة الكائنات البحرية.

– استعمال غير المفرط للمياه النظيفة وحمايتها من التلوث.

– استعمال الصابون بدل الكيماويات الأخرى عند غسل اليدين.

– المشاركة في البرامج المسموعة والمرآية التي توضح أخطار التلوث على الثروات الطبيعية.

دور المدرسة في التصدي للقضايا البيئية:

تسعى المدرسة إلى تنمية الوعي البيئي لدى التلاميذ، ما يسهم في تحقيق صالح أفراد المجتمع ورفع مستويات معيشتهم من ناحية، وفي حماية وصيانة البيئة من ناحية أخرى.

وانطلاقاً من وظيفة المدرسة ودورها في الاصلاح الاجتماعي، يمكن للمدرسة ان تتصدى لبعض المشكلات البيئية التي تواجه المجتمع. فتقوم بوظيفتها الإصلاحية من خلال علاج هذه المشكلات.

ولقد تنبه الجميع الأن لأهمية هذا الدور الإصلاحي الذي تقوم به المدرسة في حل المشكلات البيئية مثل مشكلة التلوث البيئي ومشكلة التصحر ومشكلة تجريب التربة ومشكلات إزالة الغابات.. الخ، ولهذا تعالت الأصوات بضرورة تضمين المشكلات البيئية وقضايا البيئة داخل المقررات التعليمية على اختلاف أنواعها من مقررات الدين أو التربية الدينية ومقررات اللغات (لغة عربية ـ انجليزية ـ فرنسية) ومقررات العلوم والدراسات الاجتماعية (تاريخ وجغرافيا) ومقررات الرياضيات والتربية الفنية والمجالات الزراعية والصناعية والاقتصاد المنزلي وغيرها من المقررات التي يدرسها التلاميذ في مراحلهم التعليمية المختلفة.

وقد كانت ضرورة توافر مناهج التربية البيئية موضعاً لاعتراف المجتمع الدولي بها في مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة (استوكهولم، حزيران 1972): «يجب على المنظمات التابعة للأمم المتحدة، ولا سيما اليونسكو، وسائر الوكالات الدولية المعنية أن تتخذ بعد التشاور وبالاتفاق فيما بينها التدابير اللازمة لوضع برنامج تعليمي دولي خاص بالتربية البيئية يجمع بين فروع العلم ويدرس في المدرسة وخارجها ويشمل جميع مراحل التعليم ويوجه للجميع كباراً وصغاراً لاطلاعهم على ما يمكن ان يقوموا به من أعمال بسيطة، في حدود امكانياتهم، لادارة بيئتهم وحمايتها».

. كاتب المقال ا.د.عاطف محمد كامل أحمد-مؤسس كلية الطب البيطرى جامعة عين شمس ووكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على تأسيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان استاذ وخبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية- اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية وخبير التغيرات المناخية بوزارة البيئة- الأمين العام المساعد للحياة البرية بالإتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية- جامعة الدول العربية.