عامل الدليفرى تتوقف حياته على كرم الزبون.. “وهب الله” هؤلاء العمال أصبح لهم الحق في التأمين عليهم

الدليفرى

متابعة | المركز الفنى والتكنولوجى

شكرا لقراءتكم هذا المقال على موقعنا الرسمى .. والان إلى التفاصيل ..

هل تعلم أهمية ” البقشيش ” الذي تعطيه لعامل البنزينة أو الدليفري أو غيرهم هو كل أجرهم وقوت عائلاتهم فهناك شريحة واسعة من العمالة تعيش على ما يسمى في ثقافة المصريين ب البقشيش ، هؤلاء يعملون في هذه المهنة دون أجور أو تأمينات أو مميزات أخرى يتمتع بها من حصل على وظيفة حكومية أو حتى خاصة، حيث إنهم قرروا التخلي عن كل ذلك مقابل “لقمة العيش” التي لم تتوفر لهم سوى في هذه المجالات التى ربما يكون بعضها غير آمنة لهم، فيقفون طوال اليوم في انتظار “بقشيش”، الذي ربما لا يأتي بينما أصحاب الأعمال وجدوا في حاجة هؤلاء للعمل فرصة للتهرب من استحقاقات المرتبات والتأمينات وأجبروا الراغبين في العمل على القبول بالقشيش راتبا ودخلا مستغلين ضغوط الحياة التى يقع تحت وطأتها العديد من شرائح الشباب الباحثين عن فرصة عمل.

يعمل آلاف الشباب في تلك المجالات الغير آمنة على حياتهم، يتنفسون الموت يوميا، ف عمال البنزينة مثلا، يعملون وسط ضجيج السيارات الذي لا يتوقف، وأبخرة البنزين، والسولار، ما يعرضهم لكثير من الأمراض الخطرة، وكذلك عمال الدليفري الذين يتعرضون لحوادث مميتة، فتسبب لهم إما إصابات بالغة لا يستطيع علاجها لاحتياجها لأموال وهو غير مؤمن عليه، أو تسبب موته.

استغلال أصحاب العمل

ويستغل أصحاب العمل حاجة البسطاء لهذه القروش البسيطة من العمل، ويشترطون على من يريد العمل سواء عامل في البنزينة أو الدليفري أو عامل يومية في شركة، بالعمل دون وجود أجر لهم أو تأمين وأن يكتفون بما يحصلون عليه من “بقشيش” سواء من رواد المحطة نظير ملء السيارات بالبنزين، أو ما يحصل عليه عامل الدليفري من التوصيلة فقط لا غير”.

“بوابة الأهرام” أجرت تحقيقا عن مشاكل العمال الذين يعملون بدون أجر أو مكافأة شهرية، وحرمان من التأمينات أو أي مميزات حتى لو كانت بسيطة، ورغم موافقة البعض الحديث لشرح ما يتعرضون له من تهمش من المجتمع، رفض أغلب العمال الحديث معنا خوفا من “قطع عيشهم”، فإن علم أصحاب العمل فسيقومون بتسريحهم فورا بكل سهولة لعدم وجود أي التزامات من الإدارة تجاههم.

مشاكل عمال الدليفري

“عايز أحس إني بني آدم طبيعي”، بهذه الكلمات المؤلمة بدأ محمد حامد، صاحب الست وعشرون عاما، والذي يعمل عامل دليفري، حديثه مع “بوابة الأهرام”، موضحا أنه يعمل دليفري منذ عام ونصف لأنه لم تتوفر له فرصة للعمل بشهادته فهو حاصل على دبلوم فني تخصص سيارات، برغم ما تعلمه إلا أنه لا يفقه شيئا عن السيارات، لذلك توجه للعمل بالدليفري.

كانت البداية مع “محمد” بعد حصوله على الدبلوم ولم يجد فرصة للعمل في مكان مناسب خاص، ليعرض عليه أخيه الأكبر منه شراء “موتوسيكل” والعمل عليه من خلال محلات أو شركات توصيل وأن يسدد سعره بالتقسيط المريح، ليبدأ العمل بالفعل منذ عام ونصف، واشترط عليه صاحب العمل بعدم وجود أجر ثابت والاعتماد على ما يتحصل عليه من توصيل الطلبات.

الراحة بخسارة

ويروي لـ”بوابة الأهرام” موقفا تعرض له خلال العمل في إحدى شركات التوصيل، حيث تعرض لحادث وتكلف هو بعلاجه وتصليح آلة التوصيل، وخلال هذه الفترة لم يكن له أي مصدر دخل، قائلا: “لو نزلت بشتغل بيجيلي قوت يومي، وإذ أرد الراحة فمعناه لا يوجد أي دخل هذا اليوم، واليوم الذي أعمل فيه كله دون راحة ممكن أن أحصل على 150 جنيها، أما الأيام العادية من 70 إلى 100 جنيه فقط”، مردفا “نفسي أحس إني بني آدم مش مهمش، وأكون زي أي موظف ليا مرتب ثابت وتأمين لو حصل أي حاجة”.

معاناة عمال “الدليفري”

ولم تختلف قصة محمد عن إسلام مجدي الشاب العشريني وفي السنة الرابعة من كلية الحقوق، الذي أصبح مسئولا عن أسرته بعد وفاة والده، فمعاش والده لم يكف مصاريف أسرته وتعليمه وتعليم أخواته البنات، فقرر العمل بتوصيل الطلبات، لتوفير احتياجات أسرته البسيطة، قائلا: “اشتغلت في محل طعام في البداية ثم قدمت في إحدى شركات التوصيل”.

وعن ما يحصل عليه يوميا، يؤكد أنه من الممكن أن يتحصل على 200 جنيه يوميا بالعمل حوالي 16 ساعة في اليوم، كما أنه لم يحصل على راحة نهائيا حتى إذا كان متعب حتى يستطيع توفير كل احتياجات أسرته، ولا يحتاج لأحد، متمنيا أن يكون هناك أهمية لهم لما يتعرضون له من تعب وحوادث كبرى”.

عمال البنزينة

في هذا البرد القارس، يستيقظ عم إبراهيم، صاحب الخمسة وخمسين عاما، يوميا بعد الفجر، ليصلي ويذهب إلى البنزينة الذي يعمل بها منذ 30 عاما، حيث جاء من الصعيد إلى القاهرة وهو شاب صغير بحثا عن عمل، ليلتحق بالعمل كعامل في هذه البنزينة، ومن وقتها حتى الآن يعمل بها طوال اليوم، مؤكدا لـ “بوابة الأهرام”، أنه يعمل دون أجر و البقشيش هو قوت يومه وأصبح يحص حاليا من 50 إلى 60 جنيها يوميا.

المرتب “بقشيش”

وتابع قائلا: “كل محطات البنزين مبتشغلش العاملين بمرتب يا بنتي، ما عدا المحطات الكبرى والتي يعمل بها يكون موظف حكومة، أن من 30 سنة مبرتحش كل يوم، وعندي مروحش وأشوف عيالي بس ابعتلهم فلوس تأكلهم وأعرف أصرف عليهم، بعمل اللي عليا وبشتغل بالمعاملة الكويسة مع الزبائن، ولما بأخذ بقشيش كبير من زبون بفرح أوي ويومه بجيب لعيالي أكل كويس”.

مشاكل صحية

كما يوضح أن استنشاقه اليومي للبنزين تسبب في إصابته ببعض الأمراض ومشاكل على الصدر، ولكن لا يوجد من يعالجه، مردفا: ” البقشيش يدوب بيقضي مصاريف البيت، كان نفسي أكون زي أي شخص وأجيب لعيالي اللي نفسهم فيه، بس الحمدلله الأرزاق بتاعت ربنا، وبتمنى حد يحس بينا علشان حتى يكون في معاش لعيالي لو جرالي حاجة”.

عمال اليومية

وهذا أيضا ما حدث مع محمد سعيد، 47 عاما ويعمل باليومية في إحدى الشركات الخاصة الكبرى، فقد اشترطت عليه الشركة التي يعمل بها أن عمله دون راتب رغم أنها من كبار الشركات الخاصة، قائلا: “أنا راجل على باب الله، لو اشتغلت بجيب اكل اليوم لو منزلتش مبعرفش أجيب أكل لعيالي، وأنا عندي 4 أطفال لسه في المدرسة”.

استغاثة العمال

وأردف قائلا: “ليه العمال البسيطة ميبقاش ليهم مرتب زي أي موظف، بشتغل وبتعب لو حصلي حاجة وتعبت مبلاقيش اللي يصرف علينا، ياريت يجبره الشركات دي إنها تعاملنا معاملة الموظفين، بستغيث بالمسئولين يحسوا بينا ويبقه لينا مرتب نصرف بي على عيالنا”.

باب الأمل للعمالة غير المنتظمة

تواصلت “بوابة الأهرام” مع محمد وهب الله، الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال مصر، لسؤاله عن وضع هؤلاء العمال في الدولة، ليؤكد أنه طبقا ل قانون التأمينات الاجتماعية الجديد، فإن هؤلاء العمال أصبح لهم الحق في التأمين عليهم في إطار العمالة الغير منتظمة، سواء عامل بنزينة أو دليفري أو بائع جرائد وغيرهم.

ويوضح “وهب الله”، أنه لأول مرة في تاريخ التأمينات الاجتماعية في مصر يكون هناك حق للعمالة الغير منتظمة في التأمين عليهم من جانب الدولة، فوفقا ل قانون التأمينات الاجتماعية رقم 148 لسنة 2020، من حق أي عامل الآن التوجه إلى مكاتب التأمين وتسجيل بياناتهم للحصول على التأمين مقابل 120 جنيها فقط لا غير.

ويؤكد أن هذا القانون يؤمن على حياة العامل ففي حالة الإصابة أو الشيخوخة أو الوفاة، يؤمن عليه بدعم من الدولة بنسبة 9% ويدفع العامل نسبة 11% فقط وهما الـ 120 جنيها، وهذا ما تم إقراره ضمن بنود القانون الجديد للتأمينات، وذلك لأن هذه الفئات الأكثر تضررا خاصة بعد جائحة كورونا.

قانون العمل الجديد

أما عن تسريح العمالة الغير منتظمة بكل سهولة من جانب هذه الإدارات الخاصة، يؤكد الأمين العام للاتحاد العام لاتحاد عمال مصر، أنه بمجرد إصدار قانون العمل الجديد سيتم إلغاء هذا، فلن يكون هناك فصل تعسفي للعمال، وسيتم حفظ حقوقهم بالكامل، وسيكون الإنتاج مقابل الأجر طبقا للدستور، لذلك يدعو لجنة القوى العاملة ب مجلس النواب بسرعة إصدار القانون.

_______________________

المصدر: بوابة الأهرام