مؤامرة لاختراق التجمعات العمالية في الموانئ المصرية

حصلت ‘الأسبوع’ علي مستندات تكشف عن ملامح مؤامرة لاختراق التجمعات العمالية في هيئة السد العالي وقناة السويس والموانئ المصرية.. وتشير المستندات إلي تورط مراكز حقوقية وحصولها علي تمويلات بملايين الدولارات لنشر الفوضي داخل مواقع تجمعات العمال وإشعال الموانئ في جميع المناطق الحيوية.
كما أبرزت الوثائق أن المخططات تقودها عدة جهات أجنبية تتشابك مع بعضها البعض من خلال منظمة الاتحاد الدولي للنقل ‘ITF’ التي تمولها عشر دول أجنبية كبري من بينها إسرائيل، وفي غفلة من الزمن تم تأسيس مكتب للمنظمة بمحافظة بورسعيد بجوار قناة السويس مباشرة كما تكشف الأوراق والمستندات التي بين أيدينا النقاب عن عملية بيع الوطن للصهاينة مع سبق الإصرار والترصد وتبين المستندات أن أبطال مخطط التخريب يقودهم نشطاء بارزون في مراكز حقوقية منذ سنوات بالتعاون مع عناصر من منظمات النقابات العمالية المستقلة والموازية.. مستغلين فوضي تأسيس منظمات نقابية يتلقي أعضاؤها دورات تدريبية بواسطة ‘ITF’ خارج البلاد ويتم تلقينهم وتدريبهم علي نشر الفوضي وتنظيم الإضرابات والاحتجاجات وحشد العاملين داخل المنشآت. وعبر الشهور الاثني عشر الماضية من عمر الثورة المصرية تسعي جهات أجنبية ومنظمات لا يغمض لها جفن حيث أوعزت إلي خلاياها النائمة من الجواسيس من أمراء التمويل الحقوقي داخل مصر للتحرك بمعاونة ناشط من دولة عربية شقيقة هي الأردن وبالتجوال في عدد من الهيئات والمواني والتحرك في أوساط العاملين والمجتمع المدني لاستباق الزمن في استغلال حالة ثورة العاملين بمختلف القطاعات الاقتصادية.. لتنفيذ خطط سابقة التجهيز تكشف المستندات عن أجزاء منها تهدف لاختراق وتفتيت النقابات العمالية الوطنية وعزلها من أجل هدف أكبر هو شق صفوف العمال وإحداث فتن داخل مواقع العمل لشل حركتها.
وحول أسباب استهداف نقابات العمال تحديدًا من قبل تلك المراكز الحقوقية يقول أحد المصادر لم يشأ نشر اسمه.. إن هناك تنسيقًا بين مراكز حقوقية ومنظمات واتحادات أجنبية لا تريد أن تستقر مصر وأن تعم هيئة قناة السويس والسد العالي وهيئات وشركات الموانئ الفوضي والاحتجاجات والاعتصامات بأي حال من الأحوال وألا تكون قوة العمال موجهة إلي الانخراط في العمل فقط.. حتي لا تصبح لمصر أي قوة مؤثرة لا في الاقتصاد ولا في غيره ولا حتي في منطقة الشرق الأوسط.
وتابع المصدر – وقد ترقرقت دموعه – وهو يتساءل: هل هان عليهم الوطن؟! مضيفًا: لقد باتت تحركات بعض النشطاء وأمراء التمويل الحقوقي علي أرض مصر بطولها وعرضها تثير من الأسئلة أكثر مما تطرح من معلومات بل تثير التأمل في توجهات ونوايا بعض المراكز الحقوقية التي باتت ذراع المنظمات الأجنبية الأطول باعًا في طرق تنفيذها للمهام الجديدة الموكلة إليهم ونشر الفوضي الهدامة، خاصة بعد الثورة وكشف المصدر عن تورط بعض نشطاء المنظمات النقابية المستقلة جهارًا نهارًا في اختراق النقابات العمالية داخل عدد من الهيئات والموانئ المصرية مقابل بضعة دولارات وسفريات هنا أو هناك، ومنذ تفجير قضية ‘التمويل الأجنبي’ تخوض بعض الجمعيات والمراكز الحقوقية حربًا بالوكالة عن دول المنح والتمويلات المشبوهة.. وسط ترقب الشارع المصري الذي يقف مشدوها من حجم الأرقام التي صدرت عن بعض المانحين ولايزال المواطنون يتابعون ما ستسفر عنه التحقيقات أولا بأول وفي حين يقترب الملف من الحسم تحفل الأجندة التشريعية في حكومة الإنقاذ بعدد من القوانين من بينها قانونا الحريات النقابية والتمويل الأجنبي اللذان يستحوذان علي اهتمام الشارع وأوساط العاملين باعتبارهما قضية أمن قومي في ظل عدم وضوح الرؤية التي يشهدها المجتمع المدني خاصة مع وجود 36 ألف جمعية تم تأسيسها بعد ثورة 25 يناير والأغرب والأعجب أن 91 جمعية ومنظمة تعمل في حقوق الانسان ترفض الخضوع لرقابة الدولة ماليًا، كما أن القائمين عليها ومن يمولونهم يصرون علي أن يكون التسجيل بمجرد الإخطار والحصول علي المعونات بالاخطار دون تدخل من الدولة.
نقابي مستقل بدرجة جاسوس
ومن بين أخطر ما تحتوي عليه الوثائق من تفاصيل تهدد جميع القطاعات الاقتصادية والحركة العمالية وتمثل خطرًا علي الأمن القومي للبلاد وما يتضمنه دليل الحملات الاستراتيجية للاتحاد الدولي لعمال النقل ‘ITF’ الذراع اليهودية لاختراق قناة السويس والمواني المصرية بواسطة النقابات المستقلة والتي تستهدف تدريب نشطاء داخل وخارج مصر والذي تحتوي إحدي صفحاته في الوحدة ‘8’ الشريحة رقم ‘9’ أمثلة علي أنواع الاستراتيجيات.. لخلق مناخ عدائي انتقامي بين أطراف العمل وأصحاب المصالح المشتركة وأبناء الوطن الواحد.
تقول بالنص: ‘استراتيجية الإدارة، سيتم استهداف مجلس الإ.دارة، والإدارة العليا والمتوسطة والمشرفين، وتعطي مثالاً علي تكتيكات ضد الإدارة منها: الضغط علي شركات المدراء الأخري، التعويضات الإدارية التظلم الجماعي ورفع الدعاوي ضد المدراء العامين والمدراء والمشرفين’.
ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد بل تمتد إلي أبعد من ذلك بكثير، فالنماذج التدريبية التي تحتوي عليها الوثائق الخاصة بالاتحاد الدولي ‘ITF’ تبين أنه يتم تدريس برنامج يسمي ‘دليل الحملات الاستراتيجية’ وهي مواد مستوحاة من كتاب ‘قواعد للراديكاليين’ لعالم يهودي متطرف يدعي ‘شاؤل إلينسكي’ وهو واحد من أشد الداعين إلي تدمير المجتمع من داخل المجتمع نفسه ويؤمن بنظرية التحريض علي استخدام التجسس والعنف والمؤامرات كمنهج للتغيير كما توضح الوثائق، إضافة إلي وثيقة أخري تحمل كود الوحدة ‘1’ الشريحة ’20’ كيف تخطط وتجمع المعلومات لتحول أماكن العمل إلي ساحات قتال. كما جاء بالنص الذي يجري تلقينه لبعض نشطاء منظمات النقابات المستقلة الذين تدربوا عدة مرات في الخارج والداخل، وتوضح الوثيقة التي حملت عنوان: تنشيط وتنفيذ الاتصال حث العاملين علي عمل الخرائط.. وتقدم شرحًا هذا نصه ‘اختر مكان العمل الذي تريد العمل فيه أن يكونوا معنيين بالحملة وحينما تتوفر لديك المواد لبناء شبكة تنفيذ الاتصال ابحث عن مكان عمل محدد حيث يوجد شخص واحد علي الأقل من مجموعتك علي معرفة به.
وتمضي الوثيقة في تفاصيل أخطر وأعمق كالتالي ‘ارسم خريطة لمكان العمل علي قطعة كبيرة من الورق وتتابع: ادرج ما يلي: أسماء جميع العمال، عين ممثلي الاتحاد المفوضين، قادة مكان العمل وممثلي الاتصال المحتملين وارسم مخططًا لمكان العمل شاملاً مكاتب الإدارة – وأماكن تواجد الكافيتريا وصالات الاستراحة وأماكن اصطفاف السيارات وأي مكان يتجمع فيه العمال. كما تتضمن إحدي الوثائق التي يتم تلقينها لنشطاء المنظمات النقابية عن كيفية إنشاء شبكة اتصالات تشبه ‘الخلايا العنقودية’ التي تستخدمها جماعات المقاومة المسلحة، وتستطرد الوثيقة في عرض وشرح التفاصيل التي يجري تدريب بعض النشطاء من العمال علي تنفيذها في مواقع العمل ونسردها كما جاءت بالنص: ابدأ بمنطقة عمل واحدة أو مجموعة من العمال في الوقت الواحد وتكمل: ‘تعيين من 5 إلي 7 عمال محددين لكل ممثل اتصال’ و’كل اتصال يشمل علي تعهد بتنفيذ واجب/ نشاط’ و’الاتصال وجهًا – لوجه – وشخصًا – لشخص’ و’يتم بناء شبكات تنفيذ الاتصال حول العمل/ التنفيذ’ و’يختلف المتصلون عن ممثلي الاتحاد أو المفوضين – مسئوليتهم الوحيدة هي الاتصال’ وتسرد الوثيقة: ‘قرر كيف ومتي سوف تقوم بتوظيف منسقي المناطق، اجتمع مع منسقي المناطق للتخطيط لتوظيف المنسقين وممثلي الاتصال يبقي كل منسق منطقة علي قائمة بجميع الموظفين وأماكن تواجدهم كما أنهم يبقون أيضًا علي خرائط لمناطقهم تبين أماكن تواجد العمال والمنسقين وممثلي الاتصال، هذه الخرائط يجب أن تبين أيضًا ممثلي الاتحاد أو أي قادة آخرين’ وتختم الوثيقة بالقول: ‘دع الأمور بسيطة.. أثبتت الخبرة مع عمال النقل أنه إذا كان العامل مسئول عن أكثر من 5 إلي 7 أعضاء فإن المهمة ستشكل عبئًا عليه’.
شفافية
ولا تتوقف كوابيس التدريب أو التخريب عند هذا الحد حيث تحوي الوثائق نموذج توظيف لممثلي الاتصال في الصفحة 8 علي هيئة جدول يحوي الاسم والتوقيع ورقم الهاتف والمنطقة والضاحية وعنوان السكن ورقم تليفون العمل والإيميل في العمل والمنزل وهو بمثابة امتثال والتزام مكتوب للانضمام لعضوية اتحاد عمال أو منظمات نقابية تشبه الخلايا لا يوجد له مثيل إلا في الجماعات السرية، هذه هي شفافية منظمات الصهاينة التي تحمل شعارات سلمية ومطالب مشروعة. واحتجاجًا سلميًا وحقًا مشروعًا وعمل بناء وغيرها من الأكاذيب والشعارات التي تحمل في طياتها الشرور باسم حرية التنظيمات واستقلال العمل النقابي وغيرها من السموم.
تسلحوا بالمعلومات
وتشتمل المستندات علي ما هو أسوأ وأخطر مما سبق بكثير لزوم الاستراتيحية.. لإجراء بحث حول صاحب العمل.. حيث يتضمن نموذج التحضير تعبئة المعلومات المطلوبة وإعادتها من خلال النموذج الذي يتضمن ما يلي اسم صاحب العمل، الصناعة، القطاع ربحي، أسهمه متداولة في السوق المالي.. ربحية قطاع خاص، ليست ربحية، صاحب عمل من القطاع العام، إلي جانب ما يلي: كم عدد العمال؟ أين يوجد العمال؟ وأين توجد عمليات الشركة؟ ما الأهمية الاستراتيجية التي تمتلكها كل مجموعة من العمال للتأثير علي عمليات صاحب العمل؟
ما مصادر قلق مشكلات العمال؟ ما الاتحادات الأخري التي تمثلهم؟.. كما تتضمن المستندات نموذجًا عن طلب معلومات حول تفاصيل الملكية قطاع عام خاص ومعلومات العملاء ومصادر الدخل والصناعة والقطاع وينتهي النموذج بمخاطبة السادة النقابيين المستقلين ‘عليكم ان تتسلحوا جيدًا بالمعلومات عن شركاتهم والمتعاملين معها ذلك مهم للغاية.
إصدارات حقوقية تقنن للفوضي
تتبني مجموعة من المراكز الحقوقية إصدار تشريعات علي هوي الجهات التي تمولها وإصدار سلسلة كتب ونشرات بالتعاون مع قانونيين تتضمن مقترحات بقوانين وصفها مراقبون حقوقيون بقولهم إنها تنظير فوضوي لخدمة أهداف غربية وتقنين أوضاع الجمعيات ومنظمات النقابات العمالية خاصة في ظل الإصرار علي التأسس بالإخطار وعدم الخضوع لأي نوع من الرقابة سواء ماليًا أو تنظيميًا وسرية الحصول علي المعونات وحجمها وعدم الكشف عن أوجه الإنفاق وغيرها وتتنوع إصدارات المراكز الحقوقية ونشراتها من عينة كيف تؤسس جمعية ونقابة عمالية مستقلة وتحفل تلك الإصدارات بتفسير أوضاع الجمعيات والمنظمات العمالية علي هوي الممولين وتبني وجهة نظرهم بدعوي الحرية النقابية وحماية حق التنظيمات العمالية دون مراعاة لوضع البلاد.
نقابات سداح مداح
وفي وقت سابق تقدم عدد من العاملين في عشر هيئات تعمل في مجال النقل البحري بمذكرة إلي مجلس إدارة الاتحاد المحلي لنقابات عمال بورسعيد، جاء فيها: ‘إن العمال الذين نفذوا الاضرابات والاحتجاجات هم من أعضاء المنظمات النقابية المستقلة التي قام طلعت الصيفي نائب رئيس اللجنة الإدارية للنقابة العامة للنقل البحري بتأسيسها علي طريقة السداح مداح في حضور كمال أبوعيطة رئيس ما يسمي اتحاد منظمات النقابات المستقلة. كما أوضحت المذكرة أن الإضرابات ازدادت عقب عودة بعض العاملين من المملكة الأردنية بمعرفة طلعت الصيفي وآخر يدعي بلال ملكاوي دون دعوة من النقابة العامة وبدون علم النقابات الفرعية أو الاتحاد العام بل عدم إخطار الشركات التي يعملون بها.
وبعد تنامي ظاهرة الإضرابات والاحتجاجات بالموانئ المصرية وغيرها من القطاعات وجهت اللجان النقابية العاملة في مجال النقل البحري رسالة تهديد إلي الاتحاد العام لنقابات عمال مصر بإغلاق مكتب الاتحاد الدولي للنقل ‘ITF’ ومقره دائرة حي الشرق ببورسعيد.واستبعاد جميع أعضاء منظمات النقابات الموازية والمشتعلة والوهمية التي تم إدراجها بالتنكيل بناء علي رغبة مسئول منظمة ‘ITF’ ببورسعيد، كما هددوا بإغلاقه بعد أن تبين أنه يقود حملات الإضرابات والاحتجاجات والاعتصامات في مواقع الموانئ المصرية.
وناشد العمال المسئولين وأعضاء البرلمان سرعة إصدار التشريعات والقوانين الخاصة بنقابات العمال.
وكانت بورسعيد قد شهدت انتفاضة عمالية لإغلاق مكتب منظمة الاتحاد الدولي للنقل ‘ITF’ حيث طالبت جميع اللجان النقابية للنقل بشركات النقل البحري وهيئات الموانئ والبحارة اللجنة القائمة بإدارة أعمال الاتحاد العام لنقابات عمال مصر باستصدار قرار سريع باستبعاد نائب رئيس اللجنة الإدارية للنقابة العامة للنقل البحري من التنظيم النقابي، واتهمت رئيس اللجنة بالمشاركة في هدم التنظيم النقابي من خلال قيامه بتأسيس نقابات مستقلة داخل الشركات رغم وجود نقابات منتخبة وقائمة مما أحدث انشقاقًا في صفوف العاملين والتسبب في إحداث قلاقل داخل مواقع العمل بالإضافة إلي كونه مرفوضًا من جميع النقابات التابعة للنقل البحري ومنها نقابة شركته التي يعمل بها.
فهمي الششتاوي أمين عام نقابة بورسعيد لتداول الحاويات أكد أن القرار جاء بناء علي اجتماع عقد بحضور نقابات النقل البحري ببورسعيد وقال طارق جاد عضو مجلس إدارة نقابة العاملين بهيئة قناة السويس إنه تمت مطالبة الاتحاد باتخاذ إجراءات علي وجه السرعة لغلق مكتب الاتحاد الدولي للنقل ببورسعيد الذي تم افتتاحه بالتدليس بموافقة قيادات سابقة، وذلك من منطلق الحرص علي الأمن القومي للبلاد، ولكي ينأي الاتحاد العام بنفسه عن شبهة الارتباط بتنظيم يعمل ضد صالح البلاد.
وأضاف: إن العاملين بجميع الموانئ يطالبون بغلق مكتب منظمة الاتحاد الدولي ‘ITF’ وإنهاء عمله ببورسعيد نهائيًا.

المصدر: موقع جريدة الاسبوع