الدورة 102: من تقرير لجنة الخبراء .. الجزء الاول

نظرة عامة على آليات الإشراف في منظمة العمل الدولية

شملت ولاية منظمة العمل الدولية منذ إنشائها في عام ١٩١٩ اعتماد معايير العمل الدولية وتعزيز تصديقها وتطبيقها في الدول الأعضاء
والإشراف على تطبيق هذه المعايير، بوصف ذلك وسيلة أساسية لتحقيق أهدافها. وقد استحدثت منظمة العمل الدولية آليات إشراف فريدة على الصعيد الدولي بغية رصد التقدم الذي تحرزه الدول الأعضاء في تطبيق معايير العمل الدولية ١
وتفرض المادة ١٩ من دستور منظمة العمل الدولية على الدول الأعضاء، لدى اعتماد معيار عمل دولي، عدداً من الالتزامات، ولا سيّما
اشتراط عرض المعايير المعتمدة حديثاً على السلطات الوطنية المختصة وتقديم تقارير دورية عن التدابير المتخذة لتنفيذ أحكام الاتفاقيات غير المصدق عليها والتوصيات.
وهناك العديد من آليات الإشراف التي تتيح للمنظمة بحث التقيد بالالتزامات المرتبطة بالمعايير والواقعة على عاتق الدول الأعضاء
بموجب الاتفاقيات التي صدقت عليها. ويمكن القيام بهذا الإشراف بفضل إجراء منتظم يستند إلى إرسال تقارير سنوية (المادة ٢٢ من دستور منظمة العمل الدولية) ٢ وإلى إجراءات خاصة قائمة على الشكاوى أو الاحتجاجات التي توجهها الهيئات المكونة لمنظمة العمل الدولية إلى مجلس الإدارة (المادتان ٢٤ و ٢٦ من الدستور). ومنذ عام ١٩٥٠ ، بات هناك إجراء خاص تحال بموجبه الشكاوى المتعلقة بالحرية النقابية إلى لجنة الحرية النقابية التابعة لمجلس الإدارة. ويمكن للجنة الحرية النقابية أن تنظر أيضاً في الشكاوى المتعلقة بالدول الأعضاء التي لم تصدق على الاتفاقيات ذات الصلة بالحرية النقابية.

دور منظمات أصحاب العمل ومنظمات العمال

كانت منظمة العمل الدولية إحدى أولى المنظمات الدولية التي أشرآت الشرآاء الاجتماعيين مباشرة في أنشطتها، وذلك آنتيجة طبيعية لهيكلها الثلاثي. ويعترف الدستور في الفقرة ٢ من المادة ٢٣ منه بمشارآة منظمات أصحاب العمل ومنظمات العمال في آلية الإشراف، التي تنص على أن توافي الحكومات المنظمات التمثيلية بنسخ من التقارير والمعلومات المقدمة بموجب المادتين ١٩ و ٢٢ من الدستور.
ومن الناحية العملية، يمكن للمنظمات الممثلة لأصحاب العمل وللعمال أن توافي حكوماتها بملاحظاتها على التقارير المتعلقة بتنفيذ
الاتفاقيات المصدقة. وعلى سبيل المثال، يمكن للمنظمات أن تسترعي الانتباه إلى عدم تمشي القانون أو الممارسة مع الاتفاقية، مما يفضي بلجنة الخبراء إلى طلب معلومات إضافية من الحكومة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لأي منظمة من منظمات أصحاب العمل أو من منظمات العمال أن تقدم تعليقات على تطبيق الاتفاقيات مباشرة إلى المكتب. ويحيل عندئذٍ المكتب هذه التعليقات إلى الحكومة المعنية، مما يتيح لها إمكانية الرد على هذه التعليقات قبل أن تبحثها لجنة الخبراء.

أصول نشأة لجنة المؤتمر المعنية بتطبيق المعايير ولجنة الخبراء

المعنية بتطبيق الاتفاقيات والتوصيات


أثناء الأعوام الأولى لنشأة منظمة العمل الدولية، كان يجري في إطار الجلسة العامة لمؤتمر العمل الدولي السنوي اعتماد معايير العمل الدولية وأنشطة الإشراف المنتظمة. بيد أن التزايد الكبير في عدد التصديقات على الاتفاقيات سرعان ما أدى إلى زيادة يعتد بها في عدد التقارير السنوية المقدمة. وسرعان ما أصبح من الواضح أن الجلسة العامة للمؤتمر لن تتمكن من القيام في آن معاً بفحص جميع هذه التقارير باعتماد معايير جديدة ومناقشة غير ذلك من المسائل الهامة. ولهذا، اعتمد المؤتمر في عام ١٩٢٦ قراراً يقضي بإنشاء لجنة تابعة للمؤتمر آل سنة (سميت فيما بعد لجنة تطبيق المعايير التابعة للمؤتمر) وطلب من مجلس الإدارة أن يعين لجنة تقنية (سميت فيما بعد لجنة الخبراء المعنية بتطبيق الاتفاقيات والتوصيات) تكلف بإعداد تقرير للمؤتمر. وأصبحت هاتان اللجنتان الركيزتين الأساسيتين في نظام الإشراف في منظمة العمل الدولية.

لجنة الخبراء المعنية بتطبيق الاتفاقيات والتوصيات

تشكيل اللجنة

تضم لجنة الخبراء ٢٠ عضواً ٤، يتميزون بأنهم من خبراء القانون البارزين على المستويين الوطني والدولي. ويعين مجلس الإدارة أعضاء اللجنة بناءً على اقتراح المدير العام. ويكون التعيين لهذا المنصب بصفة شخصية، ويتم الاختيار بين شخصيات مشهود لها بحيادها وكفاءتها واستقلالها وتنتمي إلى مختلف المناطق في العالم. والهدف من ذلك هو أن تستفيد اللجنة من تجربة مباشرة مستقاة من مختلف النظم القانونية والاقتصادية والاجتماعية. وتجري التعيينات لفترة ثلاث سنوات قابلة للتجديد. وفي عام ٢٠٠٢ ، قررت اللجنة أن يمارس جميع أعضائها وظائفهم خلال مدة أقصاها ١٥ سنة، أي أن يكون العدد الأقصى للتجديد أربع مرات بعد الولاية الأولى من ثلاث سنوات. وفي الدورة التاسعة والسبعين (تشرين الثاني/ نوفمبر – آانون الأول/ ديسمبر ٢٠٠٨ ) قررت اللجنة انتخاب رئيسها أو رئيستها لفترة ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة لمدة ثلاث سنوات. آما تنتخب اللجنة مقرراً في بداية آل دورة.

ولاية اللجنة

تجتمع لجنة الخبراء كل سنة في تشرين الثاني/ نوفمبر – آانون الأول/ ديسمبر. ووفقاً للولاية التي عهد بها إليها مجلس الإدارة ٥، فإنّ اللجنة مدعوة إلى فحص ما يلي:

– التقارير السنوية التي تنص عليها المادة ٢٢ من الدستور والمتصلة بالتدابير التي اتخذتها الدول الأعضاء من أجل إنفاذ أحكام الاتفاقيات التي تكون طرفاً فيها؛

– المعلومات والتقارير المتعلقة بالاتفاقيات والتوصيات والتي ترسلها الدول الأعضاء بمقتضى المادة ١٩ من الدستور؛

– المعلومات والتقارير بشأن التدابير التي اتخذتها الدول الأعضاء وفقاً للمادة ٣٥ من الدستور ٦

وتتمثل مهمة لجنة الخبراء في بيان مدى توافق القوانين والممارسات في كل دولة من الدول الأعضاء مع الاتفاقيات المصدقة ومدى تقيد الدول الأعضاء بالالتزامات التي يفرضها عليها دستور منظمة العمل الدولية بالنسبة للمعايير. وتتبع اللجنة في إنجاز هذه المهمة مبادئ الاستقلال والموضوعية والحياد ٧

وتتخذ تعليقات لجنة الخبراء على الطريقة التي تفي فيها الدول الأعضاء بالتزاماتها المعيارية، شكل ملاحظات أو طلبات مباشرة. وتتضمن الملاحظات تعليقات على المسائل الأساسية المثارة بفعل تطبيق اتفاقية معينة من جانب دولة عضو. وتنشر هذه الملاحظات في التقرير السنوي الصادر عن لجنة الخبراء والذي يقدم لاحقاً إلى لجنة تطبيق المعايير التابعة للمؤتمر آل سنة في شهر حزيران/ يونيه. أما الطلبات المباشرة فتتناول بصورة عامة مسائل أآثر تقنية أو أقل أهمية. وهي لا تنشر في تقرير لجنة الخبراء وتبلغ مباشرة إلى الحكومة المعنية ٨. فضلاً عن ذلك، تبحث لجنة الخبراء في سياق الدراسة الاستقصائية العامة وضع التشريعات والممارسات المتعلقة بمجال محدد يشمله عدد معين من الاتفاقيات والتوصيات التي يختارها مجلس الإدارة. وتستند الدراسة الاستقصائية العامة إلى التقارير المقدمة بموجب المادتين ١٩ و ٢٢ من الدستور، وتشمل جميع الدول الأعضاء بصرف النظر عما إذا كانت مصدقة أم لا على الاتفاقيات المعنية. وتتناول الدراسة الاستقصائية العامة هذا العام موضوع علاقات العمل والمفاوضة الجماعية في الخدمة العامة. وعملاً بالقرار الذي اتخذه مجلس الإدارة في دورته ٣٠٧ (آذار/ مارس ٢٠١٠ )، جرى اتساق مواضيع الدراسات الاستقصائية العامة مع الأهداف الاستراتيجية الأربعة لمنظمة العمل الدولية، آما يرد في إعلان منظمة العمل الدولية. بشأن العدالة الاجتماعية من أجل عولمة عادلة، ٢٠٠٨ (إعلان العدالة الاجتماعية)9.

تقرير لجنة الخبراء

عند انتهاء اللجنة من فحصها تضع تقريراً سنوياً. ويشمل التقرير مجلدين. ينقسم المجلد الأول (التقرير الثالث ( ١ ألف)) ١٠ إلى جزأين:

الجزء الأول: التقرير العام وهو يبين من جهة سير أعمال لجنة الخبراء والمسائل المحددة المتصلة بهذا العمل والتي عالجتها، آما يبين من جهة أخرى مدى تقيد الدول الأعضاء بالتزاماتها الدستورية المتعلقة بمعايير العمل الدولية.

الجزء الثاني: الملاحظات المتعلقة ببعض البلدان بشأن احترام الالتزامات المرتبطة بإرسال التقارير وبتطبيق الاتفاقيات المصدقة مجموعة حسب الموضوع وبالتزام عرض الصكوك على السلطات المختصة.

• ويتضمن المجلد الثاني الدراسة الاستقصائية العامة (التقرير الثالث (الجزء ١ باء)) ١١

• فضلاً عن ذلك، فإن وثيقة معلومات عن التصديقات والأنشطة المعيارية (التقرير الثالث (الجزء ٢)) هي مرفقة بتقرير لجنة الخبراء ١٢ لجنة تطبيق المعايير، التابعة لمؤتمر العمل الدولي.

تشكيل اللجنة

لجنة تطبيق المعايير، التابعة للمؤتمر، هي واحدة من اللجنتين الدائمتين التابعتين للمؤتمر. وهي ثلاثية تضم بهذه الصفة ممثلين عن الحكومات وأصحاب العمل والعمال. وتنتخب اللجنة في آل دورة هيئة مكتبها المؤلفة من رئيس (عضو حكومي) ومن نائبي رئيس (عضو عن أصحاب العمل وعضو عن العمال) ومن مقرر (عضو حكومي).

ولاية اللجنة

تجتمع لجنة تطبيق المعايير، التابعة للمؤتمر، آل سنة عند انعقاد دورة المؤتمر في حزيران/ يونيه. وبموجب أحكام المادة ٧ من النظام الأساسي للمؤتمر، تنظر اللجنة في ما يلي:

– التدابير المتخذة بغية إنفاذ الاتفاقيات المصدقة ( المادة ٢٢ من الدستور)؛

– التقارير المرسلة عملاً بالمادة ١٩ من الدستور ( الدراسات الاستقصائية العامة)؛

– التدابير المتخذة عملاً بالمادة ٣٥ من الدستور ( الأقاليم التابعة).

وعلى اللجنة أن تقدم تقريراً إلى المؤتمر.

وفي أعقاب الفحص التقني والمستقل الذي تقوم به لجنة الخبراء، يتيح إجراء لجنة تطبيق المعايير التابعة للمؤتمر لممثلي الحكومات وأصحاب العمل والعمال فرصة النظر معاً في الطريقة التي تستوفي بها الدول التزاماتها المعيارية ولا سيما فيما يتعلق بتلك الناشئة عن الاتفاقيات المصدقة. ويمكن للحكومات استكمال المعلومات الواردة في التقارير التي سبق أن قدمتها إلى لجنة الخبراء والإشارة إلى تدابير أخرى معتمدة أو مقترحة منذ الدورة الأخيرة لهذه اللجنة واسترعاء الانتباه إلى الصعوبات التي تواجهها في الوفاء بالتزاماتها وطلب المساعدة لتذليل هذه العقبات.

وتقوم لجنة تطبيق المعايير، التابعة للمؤتمر، بمناقشة التقرير والدراسة الاستقصائية العامة للجنة الخبراء فضلاً عن الوثائق التي أرسلتها الحكومات. وتبدأ أعمال لجنة المؤتمر بمناقشة عامة، تقوم أساساً على التقرير العام للجنة الخبراء وبمناقشة الدراسة الاستقصائية العامة. وفيما يتعلق باتساق موضوع الدراسات الاستقصائية العامة مع الهدف الاستراتيجي المناقش في سياق التقرير المتكرر بموجب متابعة إعلان العدالة الاجتماعية، يجري تقديم حصيلة مناقشة لجنة المؤتمر بشأن الدراسة الاستقصائية العامة إلى لجنة المؤتمر المسؤولة عن النظر في التقرير المتكرر. وتعمد لجنة المؤتمر، بعد مناقشتها العامة، إلى بحث حالات الانتقاص الجسيمة في التزام تقديم التقارير أو غير ذلك من الالتزامات المرتبطة بالمعايير. وأخيراً، تشرع لجنة المؤتمر في مهمتها الأساسية ألا وهي فحص عدد من الحالات الفردية لتطبيق الاتفاقيات المصدقة التي كانت موضع ملاحظات لجنة الخبراء. وتدعو لجنة المؤتمر ممثلي الحكومات المعنية إلى حضور جلسة من جلساتها لمناقشة الملاحظات قيد البحث. وبعد الاستماع إلى ممثلي الحكومة، يمكن لأعضاء لجنة المؤتمر أن يطرحوا أسئلة أو أن يدلوا بتعليقاتهم. وفي ختام المناقشة، تعتمد لجنة المؤتمر استنتاجات حول الحالة قيد البحث. فضلاً عن ذلك، وعملاً بالقرار الذي اعتمده المؤتمر في عام ١٣٢٠٠٠ ، عقدت لجنة المؤتمر في كل (دورة من دوراتها منذ عام ٢٠٠٠ ، جلسة خاصة لمناقشة تطبيق ميانمار لاتفاقية العمل الجبري، ١٩٣٠ رقم ٢٩) وفي التقرير الذي تقدمه لجنة تطبيق المعايير التابعة للمؤتمر ١٤ إلى المؤتمر في جلسة عامة بغرض اعتماده، يمكن أن تدعو الدولة العضو التي جرت مناقشة حالتها إلى استقبال بعثة مساعدة تقنية من مكتب العمل الدولي بحيث تزيد من قدرتها على الوفاء بالتزاماتها أو اقتراح أي نوع آخر من البعثات. كما يمكن للجنة المؤتمر أن تطلب من الحكومة موافاتها بمعلومات تكميلية أو مراعاة بعض شواغلها عند إعداد تقرير مقبل لتقديمه إلى لجنة الخبراء. كما تسترعي اللجنة انتباه المؤتمر إلى بعض الحالات، مثل حالات التقدم المحرز وحالات الإخلال الجسيم بالاتفاقيات المصدقة.

العلاقات بين لجنة الخبراء ولجنة تطبيق المعايير التابعة للمؤتمر

شددت لجنة الخبراء في العديد من تقاريرها على أهمية الاحترام المتبادل وحس المسؤولية وروح التعاون التي اتسمت بها على الدوام العلاقات بين لجنة الخبراء ولجنة المؤتمر. وجرت العادة على أن يحضر رئيس أو رئيسة لجنة الخبراء، بصفة مراقب أو مراقبة، المناقشة العامة في لجنة المؤتمر وآذلك مناقشة الدراسة الاستقصائية العامة، وأن يتمكن الرئيس أو الرئيسة من مخاطبة هذه اللجنة في مناسبة افتتاح المناقشة العامة ومن الإدلاء بملاحظات في نهاية مناقشة الدراسة الاستقصائية العامة. وعلى غرار ذلك، يدعى نائبا الرئيس من أصحاب العمل ومن العمال في لجنة المؤتمر إلى لقاء لجنة الخبراء خلال جلساتها ومناقشة مسائل ذات اهتمام مشترك في إطار جلسة معقودة خصيصاً لهذا الغرض.