حمادة صابر يستعيد وعيه ويكشف جلاديه ويعرى وحشيتهم الـمفرطة

بقلم: عبد الـمنعم الجمل

إن الثورة حدث استثنائى لا يجود الزمان بمثله كثيرا.. ذلك أن هذا الحدث الاستثنائى يسبقه مخاض صعب لابد من توفر أسبابه .. كما أن لحظة انطلاقها وإعلان تحققها ورفع أعلامها خفاقة عالية هى أشبه بلحظة الـميلاد بكل ما تحمله من مكابدة ومعاناة، ومن هنا يصبح الحفاظ على استمرارها وتواصل مراحلها وحلقاتها أمرا حيويا.. ولعلنا ندرك ذلك كله الآن.

إن الـملايين من عمال البناء بمختلف حرفهم وطوائفهم وصناعاتهم وهم يجتمعون على قلب رجل واحد يؤكدون مجددا التزامهم بخيارهم الذى ا رتضوه نهجا وطريقا لثورة غالية كانوا هم فى مقدمة الصفوف، تهيئة لأسبابها، وإشعالا لفتيلها، وإذكاء لجذوة التوقد والحماس فى قلوب القائمين بها.

وهم يؤكدون دائما التزامهم الـمبدئى بسلمية الثورة كما أنهم يتصدون بكل الحزم والعزم والشجاعة وبالرجولة الكاملة لكل من تسول له نفسه إهدار مبادئ الثورة وقدسية اختياراتها، وفى مقدمها سلميتها، ذلك أن ثورة الخامس والعشرين من يناير كسبت موقفها الـمتفرد بين ثورات الربيع ا لعربى بسلميتها وإعلاءها للحوار الحر البناء بين كل فصائلها بتعدد انتماءاتهم الحزبية والعقائدية.

وسوف نظل دائما حراس لثورة استهدفت الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية لكل أفراد الشعب، وسوف نظل دائما فى الـموقف الـمناهض للهمجية ونشر بذور الكراهية بين فصائل الشعب التى اجتمعت على كلمة سواء.

كما أنه يجب علينا جميعا أن تتوحد مواقفنا لنبذ العنف وتجريم الاعتداء على الـممتلكات العامة والخاصة، وأيضا إدانة حرق وسائل النقل العامة والخاصة، وأيضا الإضرار بقلاع الصناعة الـمصرية أو غلق الطرق وسد منافذ الحياة فى وجوه أبناء مصر الشرفاء.

كما إننا نعلن من موقع صدق ومنطلق حق إدانتنا الكاملة للاعتداءات الوحشية التى نالت زميلنا الحرفى الشريف الوطنى حمادة صابر عامل الـمحارة، وهى حرفته التى يمارسها منذ نعومة أظفاره، وهى مهنة تكسب صاحبها رفاهة حس وقدرة على إدراك الجمال الكامن فى الأشياء والبشر، وعندما امتلأت الدنيا من حوله بكل أسباب القلق وامتلأت الأنباء الـمذاعة حوله بالدماء والآهات والالـم.. أراد أن يغسل أحزانه ويخفف الهم والغم الهابط على رأسه.. أراد أن يملأ قلبه حماسة وبهجة يحققها تضامنه مع أترابه من أبناء الشعب الـمحتشدين أمام قصر الاتحادية.. ولم يكن حمادة يحمل سلاحا ولم يسبق له أن حمل أى سلاح على الإطلاق غير أدوات عمله، فقط حلم حمادة أن يبهج روحه ويطمئن قلبه أنه آن لليل أن ينجلى، ويعم نور اللـه على الأرض، ولكن ما أن فتح صدره واشرأب بعنقه إلى أعلى لاستنشاق عبير الحرية حتى أصم الضجيج أذنيه، وأظلمت الدنيا فى عينيه وامتلأ صدره بريح السموم العاتية التى نتجت عن تفجير عشرات بل مئات من القنابل الـمثيرة للدموع، وأراد أن يهرب من الجحيم ولكن خطة الخلاص التى أرادها تحولت لكربه، فلقد سحلته سرية أمن مركزى بالهراوات الثقيلة وركلات الأحذية العسكرية الثقيلة، ولقد حاول بما آتاه اللـه من قوة أن يبتعد عن هذا الحلم الكابوس، ولكن أين للفقير الـمعدم أن يهرب من بطش جلاديه، فلقد كان واهما، إن الثورة هى الحلم والأمل الذى نتمناه طويلا، هو يكتشف أنه سقط فى براثن شياطين جهنم، وإن كان حظه الطيب قد هيأ له كاميرات تسجل لحظات محنته الـممتدة لتتحول مأساته إلى كابوس إذ غدا الـمطلوب منه أن يحرر الجلادين من فعلتهم ويقول أن الثوار هم من أحدثوا به ذلك، ولكن الضمير الجمعى الـمتعاطف مع ضعف زميلنا الغالى حمادة صابر أيقظوا ضميره ليقول الحقيقة.

وأيا كان الـموقف فنحن لا ندين زميلنا ولكننا ندين الجلادين أعداء الحق والحقيقة ونطالب بكل الحزم القبض على الجناة الحقيقيين ليس فى حالة زميلنا فقط فلقد سبقتها وتزامن معها عشرات من الحالات وكلها تشهد أن آلة البطش ما زالت مستمرة قبل الثورة وبعدها.

إن الـملايين من عمال البناء متضامنين مع الـملايين الحاشدة من أبناء الوطن، يعلنون بكل العزم تواصل هبتهم الثورية لتعود للثورة سلميتها وتحقق أهدافها كاملة.

العار للجلادين .. الشهادة لكل من نالها بشرف استحقه كرمه بها اللـه سبحانه وتعالى.

نحمد اللـه أن عاد زميلنا حمادة صابر إلى وعيه ليكشف الظلم والظالـمين.

يا شرفاء مصر .. أمامكم مهمة صعبة أنتم أهلا لها ..

نحن معكم فى الـمقدمة .. وأن نصر اللـه لقريب ..