لماذا تعتبر الصين الشريك الإنمائي الحقيقي لأفريقيا

المصدر | CGTN

اقترح الرئيس الصيني شي جين بينغ عشر خطط رئيسية بين الصين وأفريقيا خلال قمة منتدى التعاون الصيني الأفريقي التي عقدت في جوهانسبرغ عام 2015.

ومنذ ذلك الحين، خلقت المشاريع الصينية في إطار هذه الخطط حوالي 900 ألف وظيفة بصناعات كالنقل والمرافق الكهربائية في أفريقيا. الصين هي أكبر شريك تجاري لأفريقيا منذ عام 2009؛ ومنذ عام 2000 إلى عام 2017، ارتفع حجم التجارة 17 مرة وارتفعت استثمارات الصين في أفريقيا بأكثر من 100 مرة. وفي عام 2017، قفزت تجارة الصين مع أفريقيا بنسبة 14% لتصل إلى 170 مليار دولار أمريكي، لتلعب الشركات الصينية دورا هاما بخلق فرص العمل في أفريقيا. ووفقا لتقرير ماكنزي العام الماضي، توجد أكثر من ألف شركة صينية في ثماني دول أفريقية و89% من موظفيها من السكان المحليين.

لماذا تعتبر الصين الشريك الإنمائي الحقيقي لأفريقيا

جعلت السنوات الـ18 الماضية من العلاقات بين الصين وأفريقيا بعض الناس في العالم الغربي يشعرون بعدم الارتياح مع قيامهم بكيل اتهامات مختلفة للدور الذي يضطلع به البلد الآسيوي في هذه القارة.

وقد جرى وصف الصين مرارا من بعض وسائل الإعلام والسياسيين في الغرب بأنها مفترس اقتصادي في أفريقيا، مع الزعم بأنها تنهب الموارد الطبيعية وتسرق الوظائف المحلية وتعيث فسادا في البيئة وتجر القارة الشاسعة نحو أزمة ديون.

وعلى الرغم من أن هذه الادعاءات قد لاقت رواجا بين أولئك الذين لديهم القليل من المعرفة والخبرة الميدانية حيال أفريقيا، فإنها كاذبة بقدر ما هي مثيرة.

إذ أن الحقائق تتحدث بصوت أعلى من الكلمات، وتظهر الحقائق أن الصين ليست مفترسا اقتصاديا بل أنها الشريك الإنمائي الحقيقي للبلدان الأفريقية.

لا يمكن إنكار أن المواد الخام كانت جزءا من التجارة بين الصين وأفريقيا، ولكن يتم التغافل عن حقيقة أن أفريقيا استفادت أيضا من التجارة مع الصين، حيث تمكن الأفارقة من الوصول إلى السلع المصنعة بأسعار معقولة. فالتجارة إلى حد كبير متوازنة حتى في الوقت الذي تتوسع فيه بسرعة.

ومن المثير للاهتمام أيضا أن نلاحظ أن معظم الموارد الطبيعية في أفريقيا هي في أيدي شركات ذات استثمارات غربية، في حين أن الصين لا تشتري سوى ما تحتاجه تنميتها.

وعلاوة على ذلك، بفضل الاستثمارات الصينية وعملياتها لنقل التكنولوجيا، أصبحت العديد من الدول الأفريقية الآن على طريق صلب للتصنيع والتحديث الزراعي. أما خلال الحقبة الاستعمارية، فقد تم تحويلهم إلى مزودين للمواد الخام وكان عليهم شراء الضروريات الأخرى من الخارج.

وقد ساعدت الصين، التي تعتبر الآن أكبر مستثمر في البنية التحتية في أفريقيا، في بناء الطرق والسكك الحديدية وسدود المياه ومحطات الطاقة والجسور وأبراج الاتصالات في جميع أنحاء القارة، مما وضع الأساس لتنمية طويلة الأجل لأفريقيا.

وبالنسبة للوظائف، فإنه من المجافي للمنطق الادعاء بأن الوجود الصيني المتنامي في أفريقيا قد كبد السكان المحليين خسارة وظائفهم. إذ تظهر أبحاث أجرتها منظمات عالمية رائدة عكس ذلك تماما.

وجدت دراسة ميدانية أجريت عام 2017 من قبل شركة ماكينزي أنه ضمن حوالي 1000 شركة صينية تعمل في ثماني دول أفريقية، كان هناك 89% من الموظفين من العمالة المحلية. وإن ثلثي هذه الشركات توفر التدريب أثناء العمل للموظفين المحليين، وأن حوالي نصفهم تقريبا قد أنشأوا ورش عمل أو مدارس للتدريب.

وذكرت الشركة العالمية الرائدة في مجال المحاسبة “إي واي” في تقرير لها العام الماضي أن الاستثمارات الصينية في أفريقيا خلقت أكثر من ثلاثة أضعاف عدد الوظائف المحلية مقارنة بالولايات المتحدة في عام 2016 وحده.

ومنذ طرح “خطط التعاون العشرة” في قمة جوهانسبرغ لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي (فوكاك) في عام 2015، خلقت الشركات الصينية حوالي 900 ألف وظيفة في أفريقيا وقدمت التدريب التقني أو المهني لأكثر من 200 ألف شخص في أفريقيا.

وهناك حقيقة أخرى: تقوم الشركات الصينية عمدا بتوظيف المزيد من العمالة المحلية نظرا لأن الأجور في الوطن ترتفع بسرعة. لذا فإن استيراد غالبية العمالة من الصين سيشكل محاولة مكلفة.

وبشأن ادعاءات عدم المسؤولية البيئية، من الصحيح أن بعض الطرق والسكك الحديدية التي بنتها شركات صينية تمر عبر منتزهات طبيعية، لكن هذا لا يعني أن الصين لا تعير اهتماما للحياة البرية.

على سبيل المثال، فإن إضافة ممرات للحيوانات على طول خط السكة الحديدية الواصل بين مومباسا ونيروبي الذي بني بشكل مشترك قد حظي بالإشادة من قبل ناشطين وسكان محليين. وعلاوة على ذلك، فقد جلبت الصين معها خبرتها التي أثبتت جدواها في مكافحة التصحر إلى أفريقيا، حيث يشكل اتساع رقعة الصحارى مشكلة خطيرة.

وتوفير فرص الحصول على مياه الشرب النظيفة هو مثال آخر على التعاون. إذ أنه إلى جانب حفر الآبار وبناء مرافق التخزين، بدأت الشركات الصينية بناء مصانع معالجة المياه في أفريقيا.

ونصب “فخ الديون” للبلدان الأفريقية هو كذلك ادعاء آخر غير منطقي ضد الصين. ويرجع ارتفاع مستويات الديون في بعض البلدان الأفريقية إلى مجموعة من العوامل، بما في ذلك انخفاض أسعار السلع الأساسية، وخاصة منذ عام 2014.

وتظهر البيانات الصادرة عن مبادرة بحثية حول الصين وأفريقيا بجامعة جونز هوبكنز أن الصين قدمت قرابة 114 مليار دولار أمريكي كقروض لأفريقيا في الفترة من عام 2000 إلى عام 2016، وهو ما يمثل 1.8% من إجمالي الدين الخارجي لأفريقيا.

ولدى القروض الصينية لأفريقيا سعر فائدة أقل وفترة سداد أطول مقارنة مع متوسط السوق، وتستخدم هذه القروض الميسرة في المقام الأول لبناء البنية التحتية، والتي تعد بعوائد وتعتبر ضرورية لبناء القدرات الاقتصادية للبلدان الأفريقية.

وبشكل عام، تثمن الصين علاقاتها مع أفريقيا وتمضي في الحديث حول التعاون المربح للجانبين. ومع توطيد العلاقات بين الجانبين خلال الأعوام القادمة، ستغدو المزاعم المبالغ بها والملفقة المراد منها تلطيخ صورة الصين في أفريقيا شيئا من الماضي.